الأحد، 26 ديسمبر 2010

تاريخ مصر الكامل

حلقة 1

عصر ما قبل الأسرات (4400 - 3000 ق.م.)
1- البداري

حضارة البداري :
  • وهي قرية في الصعيد على الضفة الشرقية لنهر النيل, وكانت توجد في محافظة أسيوط التي تتوسط محافظات الصعيد.
  • حضارة البدارى دليل مؤكد على وجود الزراعة قي عصر ما قبل الاسرات.اذدهرت هذه الحضارة قي فترة ما بين 4500 ق.م إلى 3800 ق.م.
  •  و أهم ما يميز البداريون انهم كانوا يؤمنون بالبعث (الحياة الثانية بعد الموت) حيث وجد قي مقابر الموتى بعض الفخار والادوات وبقايا حيوانات. وكانوا يلفون موتاهم بالحصير ويدفنونهم مع حيواناتهم المحببة أو بعض التماثيل للحيوان. وكانوا يضعوا المتوفى قي حصيرة ثم يدفنوه قي حفرة ورؤسهم متجهة نحو الجنوب وناظرين نحو الغرب.
  • كما تميزت هذه الحضارة بوجود طبقات اجتماعية وتم الاستدلال على ذلك من خلال دفن افراد المجتمع البدارى الاغنياء قي جزء اخر من المقبرة.
  • ولم تقتصر حضارة البدارى على صعيد مصر فقط بل امتدت إلى جنوب وغرب افريقيا.

2- نقادة الأولى أو العمرة

  • حضارة نقادة الأولى أو العَمرة (3900 - 3650 قبل الميلاد)
  • وقد وجدت اثار هذه الحضارة في اكثر من موقع ابتداء من مصر الوسطى وحتى الجندل الأول، وهي ترتبط حضاريا بحضارة العَمرة (جنوب شرق العرابة المدفونة بمركز البلينا بمحافظة سوهاج الحالية).
  •  فقد تميزت بوجود صلات تجارية مع الواحة الخارجة غربا والبحر الاحمر شرقا ووصلت إلى الجندل الأول قي الجنوب. كانت نقادة جبانة لاحدى المدن المصرية الهامة وهي مدينة "نوبت" (قرية طوخ التابعة لمركز نقادة محافظة قنا حاليا) والتي كانت مركزا لعبادة الإله ست.
  • عثر في جبانة نقادة على بعض الدبابيس وادوات أخرى صغيرة مصنوعة من النحاس، أما عن مساكنهم فقد كانت بسيطة تشيد من اغصان الاشجار التي تكسى بالطين، اما مقابرهم فقد كانت عبارة عن حفرة بيضاوية قليلة العمق، وكان المتوفي يدفن في وضع القرفصاء ويلف أحيانا بجلد ماعز.
  • وشهدت حضارة نقاده تحسن صناعة الأدوات الحجرية وتطور تقنيات حرق الفخار

3- نقادة الثانية (3650 - 3300 ق.م)

  • كانت هذه الحضارة الممهدة لوحدة الحضارة المصرية التي ظهرت على وجه الأرض.
  • الدفن : أتبعت جبانات نقادة الثانية التقاليد السائدة فيما قبل الاسرات من دفن الموتى في الهيئة المثنية.
  • حضارة نقادة الثانية (3650 - 3300 قبل الميلاد) تعد اوسع انتشارا وتقدما من الحضارة السابقة وقد وجدت اثار تدل عليها في نقادة نفسها، وفي مواقع أخرى في الشمال (في طرخان، جرزة، وابوصير الملق)، وفي الجنوب (في بلاد النوبة) في وادي السبوع، عمدا، عنيبة.
  •  قادت نقادة الثانية إلى وحدة البلاد بعد ذلك قي العصور التاريخية حيث نجد تعميقا للصلات التجارية السابقة، وكذلك بعض المناوشات بين الجنوب والشمال وقد ظهرت قي هذه الفترة أول ارهاصات للرسوم الجدارية قي الكوم الاحمر قرب مدينة ادفو عام 3500 قبل الميلاد.
  • وظهر الفخار الملون برسوم مراكب واشكال الإنسان والحيوان والطير.
  • وتميزت حضارة نقادة الثانية انها ارست قواعد الحضارة الزراعية وبأنها خطت خطوات واسعة في الصناعات الحجرية والمعدنية، وتوسعت في استخدام النحاس في صناعة الادوات. كما استخدمت بعض الخامات غير المحلية مثل اللازورد، وهذا يدل على وجود صلات تجارية مع آسيا في هذه الحقبة السحيقة .
  • كما وجدت حضارة سميت باسم حضارة العَمرة ولكن اتضح أنها نفسها حضارة نقادة الأولى.
  •  كما ظهرت حضارة الجرزة التي أتضح أنها امتداد لحضارة نقادة الثانية، وتطورت المساكن قياسا بمساكن اهل نقادة الأولى، وكانت مستطيلة وتبنى من الطوب اللبن. اما عن المقابر فقد بدت هي الأخرى اكثر تطورا عن ذى قبل حيث جرى تحديد جوانب الحفرة وتقويتها بتكسيتها بالطمى أو البوص والحصير.
  • ثم عرفوا الطوب اللبن فبدؤا يدعمون به جدران القبور ولم يقتصر الامر في بعض المقابر على حجرة الدفن، وانما الحقت في بعض الأحيان بحجرة صغيرة كانت مخصصة لحفظ الاواني والاثاث الجنزي.

4- نقادة الثالثة (3300 - 3050 ق.م)
                       
المراجع : كتاب مصر أيام الفراعنة، محمد الخطيب، منشورات دار علاء الدين، دمشق

*********

ســعادة للبيع


ســعادة للبيع تأليف : البرتو مورافيا- ترجمة : وفاء شوكت
نحو منتصف بعد ظهر كل يوم، كان الموظف العجوز، المتقاعد، المدعو ميلون، يخرج من منزله، بصحبة زوجته أرمينيا، وابنته جيوفانا. كانت زوجته بدينة ومتقدِّمة في السن، وابنته هزيلة البنية وقد أصبحت الآن مسنَّة ومثل المخبولة. كان آل ميلون الثلاثة، الذين يسكنون ساحة "ديللا ليبيرتا"، يصعدون ببطء، على خطا أرمينيا السمينة، يمسحون شارع "كولادي ريانزو"، متأمِّلين واجهات المخازن الواحدة تلو الأخرى. وكانوا يغيِّرون الرصيف في ساحة ريزور جيمنتو" ويعودون، وهم يتابعون تأمَّل المحلات بالعناية ذاتها، نحو ساحة "ديللا ليبيرتا".‏
كان هذا الذهاب والإياب يستغرق قرابة ساعتين، الوقت الكافي للتجلُّد حتى تحين ساعة العشاء. ولم يعد أفراد عائلة ميلون الثلاثة، الفقراء جداً، يدخلون إلى قاعة سينما أو مقهىً منذ زمنٍ طويل. كان التنزُّه هو تسلية حياتهم الوحيدة.‏
وفي يومٍ من الأيام، وبعد أن خرجوا في الساعة المعتادة وصعدوا شارع "كولادي ريانزو" تقريباً حتى ساحة "ريزور جيمنتو"، لفت انتباه أفراد عائلة ميلون الثلاثة مخزن جديد، وكأنه فُتِح بطريقةٍ سحرية، في المكان الذي لم يكن حتى مساء أمس سوى حِباك(1) مغبرّ. وكان صقيل الزجاج يمنعهم عن تمييز البضاعة. فاقتربوا، ثلاثتهم، من المخزن، ودون أن ينبسوا ببنت شفة، شكلوا نصف دائرةٍ على الرصيف وهم يصطفون أمام واجهاته.‏
كانوا يرون الآن البضاعة بوضوح: السعادة. كان أفراد عائلة ميلون الثلاثة، مثل جميع الناس هنا، قد سمعوا دائماً، الحديث عن هذه السلعة، ولم يروها قط. كانوا يتناقشون حولها هنا وهناك، كأنها شيء نادر جداً، فيصفها البعض بالخيالية، مشككين بوجودها الحقيقي تقريباً. وصحيح أن المجلات كانت تنشر من حينٍ لآخر مقالاتٍ طويلة مصوَّرة، يقولون فيها إن السعادة في الولايات المتحدة إن لم تكن عامة، فهي على الأقل سهلة المنال؛ لكن، كما نعلم، أمريكا بلاد بعيدة، والصحفيون يتخيَّلون أشياء كثيرة. وعلى ما يبدو، كانت توجد وفرة من السعادة في الأزمنة الغابرة، لكن ميلون، مثل كل الذين كانوا طاعنين في السن الآن، لا يتذكَّر أبداً أنه رآها.‏
وها هو متجر الآن، وكأن الأمر لم يحصل، وأن الموضوع يتعلَّق بالأحذية أو أدوات المائدة، يقدِّم صراحةً هذه البضاعة، لأي شخص يريد شراءها. وهذا ما يفسِّر دهشة أفراد عائلة ميلون الثلاثة المسمَّرين إلى الأرض، الجامدين أمام هذا المتجر الغريب.‏
ويجب القول إن هذا المتجر كان يُحسِن عرض بضاعته جيداً في واجهاته الكبيرة المؤطَّرة بحجر الترافرتين(2) اللامع، وكانت لافتته من طراز عام 1900، وجميع إكمالاته وزيناته مصنوعة من المعدن المطلي بالنيكل(3) . وفي الداخل أيضاً، كانت طاولاته على الطراز الحديث، وكان بائعان أو ثلاثة من الشبان الحيويين، أنيقي الملبس، يجذبون، بظهورهم فقط، الزبون الأكثر تردداً. وتظهر في الواجهات "السعادات" مثل بيض "عيد الفصح"، وهي معروضة حسب كبرها، وتوافق جميع الميزانيات. فيوجد منها الصغير والوسط والضخم، قد تكون مزيَّفة، وضعت للدعاية. وكان لكل سعادةٍ بطاقتها الصغيرة، مع السعر المدوَّن عليها بالأحرف الطباعية المائلة.‏
وانتهى الأمر بالعجوز ميلون إلى القول بسطوةٍ، معبِّراً عن أفكارهم: -هذا إذاً، لم أكن لأتوقع ذلك أبداً...‏
فسألته الفتاة ببراءة:‏
-ولماذا يا أبي؟‏
رد عليها العجوز بانزعاج قائلاً:‏
-لأنه، ومنذ سنواتٍ عديدة، يُقال لنا بأنه لا توجد سعادة في إيطاليا، وأنها تنقصنا، وأن استيرادها يكلِّف كثيراً... وها هم فجأةً، يفتحون مخزناً لا يبيعون فيه سواها.‏
قالت الفتاة:‏
-قد يكونون اكتشفوا منجماً.‏
فانبرى ميلون يقول مغتاظاً:‏
-ولكن أين، ولكن كيف؟ ألم يقولوا لنا دائماً إن باطن الأرض في إيطاليا لا يحتوي عليها؟... لا نفط، ولا حديد، ولا فحم، ولا سعادة... ثم، هناك أشياء ينتهي بنا الأمر إلى أن نكتشفها... هل تتخيَّلين... عندي شعور بأنني سأرى عناوين كبيرة تقول: بالأمس، كان "فلان" يتنزَّه في جبال "كادور"، واكتشف منجم سعادة من نوعيةٍ ممتازة... هيه، كلا، كلا... إنها بضاعة أجنبية.‏
وتدخَّلت الأم بهدوءٍ قائلة:‏
-حسناً، أين المشكلة؟ هناك، لديهم الكثير من السعادة وهنا، ليس لدينا شيء منها: إنهم يستوردونها... أين الغرابة؟"‏
رفع العجوز كتفيه حانقاً، وقال:‏
"حججٌ غير معقولة... هل تفهمين فقط ما هو معنى استيراد؟‏
هذا معناه صرف نقودٍ ثمينة... نقود بإمكاننا استخدامها لشراء القمح... إن البلد يتضوَّر جوعاً... نحن بحاجة إلى القمح... ومهما قلتِ، فإن الدولارات اليسيرة التي نجمعها بالحرَام، نقوم بإنفاقها على شراء هذه البضاعة، هذه السعادة!‏
ولفتت ابنته انتباهه قائلة:‏
-ولكننا بحاجةٍ أيضاً إلى السعادة.‏
أجابها العجوز:‏
-هذا شيء غير ضروري. قبل كل شيء، يجب التفكير في الغذاء.. أولاً الخبز، وبعد ذلك السعادة... ولكن على أي حال هذا بلد اللا منطق: أولاً السعادة، وبعد ذلك الخبز.‏
فلاحظت زوجته الحليمة:‏
-كم تغضب سريعاً! حسناً، أنت لا تحتاج إلى السعادة.. لكن الجميع ليسوا مثلك.‏
وخاطرت ابنته بالقول:‏
-أنا، مثلاً...‏
فردَّد الأب بنبرة مهدِّدة:‏
-أنتِ، مثلاً...‏
وتابعت الفتاة بيأس:‏
-أنا، مثلاً، سأشتري حقاً، واحدة، واحدة صغيرةً منها، لأعرف فقط كيف هي مصنوعة هذه السعادة.‏
فقال الأب مقاطعاً ومغتمَّاً:‏
-هيا بنا.‏
وتركت المرأتان نفسيهما تُقْتادان بطاعة. لكن العجوز كان الآن منزعجاً. فقال:‏
-لم أكن أتوقَّع ذلك منكِ حقاً، يا جيوفانا.‏
-ولماذا، يا أبي؟‏
-لأنها بضاعة من السوق السوداء، من محدثي النعمة، من أصحاب الملايين... إن موظفاً في "الدولة" لا يستطيع أن يطمح إلى السعادة ويجب ألا يفعل... وعندما تقولين بأنك تودين شراءها، تثبتين على الأقل عدم إدراكك...‏
كيف... نحن نؤجِّر غرفاً في منزلنا، ويصلني راتبي التقاعدي تقريباً في أول الشهر، وأنتِ... آهٍ، إنك تخيِّبين أملي، إنك تخيِّبين أملي.‏
غشت الدموع عينيّ ابنته. فقالت الأم:‏
-هل ترى كيف أنتَ، إنك تمضي وقتك في تأنيبها. ثم إنها لا تملك شيئاً في الحياة، وهي شابة، فأين الغرابة في أن ترغب في تذوُّق السعادة؟‏
-لا شيء... لقد استغنى والدها عنها، فهي أيضاً باستطاعتها الاستغناء عنها.‏
كانوا الآن قد وصلوا إلى ساحة "ريزور جيمنتو".‏
لكن، خلافاً لعادتهم، أراد العجوز، هذه المرَّة، العودة على الرصيف ذاته. وعندما وصلوا أمام المخزن، توقَّف، ونظر طويلاً إلى الواجهة، وقال:‏
-هل تعرفان ماذا أعتقد؟ إنها مزيَّفة.‏
-ماذا تريد أن تقول.؟‏
-حسناً؛ أمس فقط، كنت أقرأ في الجريدة أن سعادة صغيرةً مثل هذه، في أمريكا، أقول جيداً في أمريكا، تكلِّف عدة مئاتٍ من الدولارات... فكيف من الممكن أن يقدِّموها لنا بهذا الثمن؟ إن سعرها مع تكلفة النقل يكلِّف أكثر بكثير... إنها مزيَّفة، إنها منتجات محليَّة... لا يوجد في ذلك أدنى شك.‏
وجازفت الأم بالقول:‏
-لكن الناس يشترونها.‏
-وما الذي لن يشتريه الناس... سوف يكتشفون ذلك بعد أن يعودوا إلى منازلهم، خلال عدة أيام... غشاشون!‏
وتابعوا نزهتهم. لكن جيوفانا كانت تبتلع دموعها، وتفكِّر بأن السعادة، حتى المزيَّفة، ستعجبها.‏
(1) حِباك: حظيرة من قصب شدَّ بعضه إلى بعض).‏
(2) ترافرتين حجر جيري من مدينة تيبور بإيطاليا).‏
(3) نيكل معدن أبيض).‏